أفكّر في زيارة مراكش هذه الأيام.
كمكانٍ أختبر فيه نفسي من جديد.
رغبة في أن أرى إن كنت ما زلت أملك القابلية للدهشة،
أو أنني فقدت تلك القدرة منذ سنوات وأنا لا أعلم.

بين الحين والآخر، تعود إليّ وجوهٌ قديمة.
أشخاصٌ التقيت بهم في فترات مختلفة من حياتي،

منهم من صافحني بيد نظيفة، ومنهم من وضع يده على جسدي من اللحظة الأولى،
كأن الإنسان مجرد تجربة عابرة لا تحتاج روحا ولا احتراما.

مرت سنواتٌ طويلة منذ تلك اللقاءات،
لكن أثرها لم يختفِ.
ما زلت أحتقر أولئك الذين خلطوا بين الفضول والرغبة،
وجعلوا القرب شيئا أتحسّب له بدل أن أرحّب به.

ربما لهذا كان لقائي الأخير بالشاب التطواني مختلفا.
بسيط وصادق، لم يحاول أن يثبت شيئا.
تحدث كما لو أن الصدق عاد موضة بعد انقراض.

كان خجولا بطريقةٍ جميلة، ينظر ويشيح عينيه، ويصغي أكثر مما يتكلم.
كأن الحياة تقول: لم ينتهِ كل شيء بعد، ما زال في العالم مكانٌ للنقاء.

ربما أذهب مع الشاب إلى شفشاون، لأنها من اقتراحه.
وربما أقترح مراكش مع خطوط Ryanair.

لم أعد أبحث عن المغامرات،
بل عن الطمأنينة في التفاصيل الصغيرة:
أؤمن أن أجمل العلاقات هي تلك التي لا تبدأ باللمس،
بل بالاحترام، وبالصدق الذي لا يحتاج إلى إعلان.

ربما الصدفة وحدها تعرف ما الذي سيحدث في الرحلة القادمة،