السماء هذا المساء بدت غريبة.
لونها متردّد بين الرمادي والأسود، كأنها لا تعرف أيّ حزن تختار.
وقفت طويلا أراقبها من النافذة،
وكان في الهواء شيء يشبه الارتباك…
كنت متعبا، وخائفا من شيء لا أعرفه ..

ووسط الصمت، خطر في بالي بيت قديم من الشعر:

“قال: السماءُ كئيبةٌ وتَهَجُّما…”

لم أفهم هذا البيت يوما كما فهمته الليلة.
السماء لم تكن حزينة،
كانت كأنها في خلافٍ مع نفسها،
تحاول أن تمطر لكنها لا تجد السبب الكافي.

وقفت هناك، أراقبها ..
كانت الريح باردة،
وفيها رغم ذلك دفء غريب،
دفء يشبه لمسة يد لم تعد هنا،
أو صوتا نعرفه، غاب منذ زمن طويل.

حين عدت إلى البيت، لم أشعل الضوء.
أغلقت الباب ببطء، وجلست قرب النافذة.
ظللت أراقب السماء،
إلى أن بدأ المطر أخيرا…
كمن يبكي وهو يخجل من نفسه.

مددت يدي دون وعي،
فوجدت شيئا مبلّلا على معطفي.
لم أعرف إن كان مطرا… أم شيئا آخر.

وحين رفعت رأسي ..
أدركت أن السماء لم تكن تبكي وحدها تلك الليلة.