الغريب… ذاك الشخص الذي لم نعرف اسمه كاملا، ولم نرَه سوى مرة واحدة، ثم اختفى. ومع ذلك، بقي في ذاكرتنا.

سائق تاكسي أخبرك جملة عابرة وأنت في أسوأ حالاتك، فبدت كأنها نصيحة من صديق قديم يعرف قلبك. نادل قدّم لك كوب قهوة بابتسامة حقيقية، لم تكن مجاملة، بل دفءا نادرا في يومٍ بارد.

شخص ساعدك على حمل حقيبة في محطة قطار، ثم لوّح لك وهو يختفي وسط الزحام. الغرباء الذين لا يتكررون، هم من يثبتون لنا أن الإنسانية لا تحتاج بطاقة هوية. أنهم قد يأتون بدورٍ صغير، لكنهم يتركون أثرا جميلا ولمسة لا تُنسى.

الغريب لا يعرف تاريخك ولا ضعفك ولا فضائحك. لكنه يعرف كيف يكون إنسانا، فقط في اللحظة التي التقاك فيها.

وربما لهذا السبب يعلق أثره بنا طويلا: لأنه لا يملك مصلحة، ولا يريد شيئا، ولا يتوقع أن يراك ثانية.

أحيانًا نفكر: هل نحن أيضا غرباء في حياة أحدهم؟ هل هناك شخص يذكرنا الآن بنفس الامتنان الذي نذكر به ذاك الرجل، أو تلك المرأة، أو تلك الابتسامة العابرة؟

الغرباء الذين مرّوا مرور الكرام… ليسوا مجرد عابري طريق، بل أدلة صغيرة من الحياة تقول لنا: “لا زال في هذا العالم ما يستحق أن نثق به.”