لم أكن أنا من اختار هذا الوجه. ولا هذا الأنف الذي يبدو وكأنه صنع على عجل.
ولا العينين، بلونهما الذي يتغير حسب الضوء، ولا الطول الذي لا يصلح لتغيير اللمبات، ولا عرض الكتفين، ولا حتى شكل أذنيّ حين أبتسم.
كل هذا جاءني كما تأتي الرسائل المجهولة: مغلفّة بجينات، مختومة ببروتينات، وموقّعة باسم طويل لا أستطيع نطقه… الـ DNA.
يقولون: “كن واثقا بنفسك.” وأردّ داخلي: “لكن ماذا لو لم تكن هذه “نفسي”؟”
ماذا لو كان شكلي مجرد نتيجة معادلة وراثية، بدأت قبل أن أولد، وانتهت بي، دون استشارتي؟
لون العين، شكل الأنف، طبيعة الشعر، كلها كانت مرسومة سلفا… بلغة لا أفهمها،
ورغم ذلك، يُحاسبني الناس على هذه الورقة الجينية، كأنني مَن وقّعها.
كأن أنفي ذنب، أو لون عينيّ دليل براءة أو خيانة. وكأن من وُلد بعيون رمادية أعمق شعورا، ومن وُلد بشعر مموج أحق بالحُب.
لم يكن بيدي شيء. حتى انعكاسي في المرآة ليس انعكاسي، بل انعكاس آلاف الأجيال التي سبقتني، كل منهم أضاف لمسة:
هل تعلمون ما الذي بيدي؟ ردّ الفعل فقط. أن أنظر لهذا الجسد الذي لم أختره، أتبنّاه، ثم أقول له: “ربما لم أخترك… لكنني سأحبك بطريقتي.”