جئتُ إلى مراكش كما يذهب الناس إلى طبيب الأسنان: مضطرا، ومسلِّما أمري لما سيحدث.
ركبت القطار من مدينة طنجة٫ ووصلتُ في المساء، جررت حقيبتي مثل مجرم يعرف أنه سيبيت ليلة في غرفة اعتراف مؤقتة.
الفندق؟ لا بأس به.
فيه سرير، وباب، ونافذة تطل على الشارع…
وهذا أفضل ما يمكنك أن تطلبه في مدينة تعتبر الضوضاء تراثا غير مادي.
خرجتُ لأتأكد أن المدينة ما زالت كما تركتها… ووجدتها أسوأ بقليل، لكنها تحاول التظاهر بأنها بخير.
الغبار كان يتطاير في كل اتجاه٫ الدراجات النارية تصرخ، الناس يركضون، كأن المدينة تطاردهم.
الطعام في كل زاوية.
لا أحد يطبخ.
كأن فكرة إعداد وجبة في البيت صارت جريمة أو طقسا بدائيا.
كأن المطابخ صارت أماكن لتخزين الصحون النظيفة لا أكثر.
قابلت الفرنسي.
كان قد استقر هنا قبل شهور، محمّلا بالفضول، والأمل، وبعض الوصفات الفرنسية التي ظن أنها ستنفعه لإنشاء روتين حياة.
قال لي جملة قصيرة فقط:
“سأغادر.”
أجبته وأنا أرتشف شايا دون طعم:
“المدينة جميلة… لكن لا أحد يعيش في بطاقة بريدية.”