حين تمرض في المغرب، فإن أمامك ثلاث خيارات:

  • أن تشفى وحدك
  • أن تموت في هدوء
  • أو أن تبيع كليتك لتدفع ثمن علاج الزكام

وقد اخترتُ الطريق الرابع: أن أكتب.

قبل سنوات، أصابني زكام بسيط. توجهت، في نوبة حماسة وطنية، إلى المستشفى العمومي. دخلت واقفا… وخرجتُ زاحفا ..
منذ ذلك اليوم، اتخذتُ قرارا صارما:
لن أدخل مستشفى عمومي بقية عمري ..

لدينا في العائلة فتاة صغيرة… تحتاج دواء دائما، وأجهزة، ورعاية لا يوزعها وزير الصحة في بياناته الصحفية. ذهبنا إلى المستشفى وهناك قالوا لنا:

“لا يتوفر عندنا العلاج… لكن يمكننا أن نكتب لكم ورقة تثبت أننا لا نعالِج.”

أما ابن أختي، فقد اختار أن يمرض عندي.
أخذته إليهم وأنا أردد: “ربما تغيّروا”

لكن المستشفى استقبلنا كمن يستقبل ضيفا غير مرغوب فيه:
نظرات باردة، طبيب غاضب، وممرضة تطلب منك المال قبل أن تسألك أين يؤلمك.

فخرجنا نبحث عن مصحة خاصة.
هناك استقبلونا بابتسامة ساحرة…
لكنهم طلبوا أولا أن أملأ استمارة، وأوقع على شيك، وأتعهد أن لا أنكر الفاتورة لاحقا حتى لو توفي المريض قبل الفحص.

قلتُ لهم:

“ابن اختي ضيف عندي، وأنا أتكفل به.”
قالوا:
“والحكومة؟“
قلت:
“لا أعرفها، وهي لا تتكفل بأحد.”

فهل أدعم الاحتجاجات؟
بالطبع، بل أعتبرها الشكل الوحيد الباقي للعلاج في هذا البلد:
لا وصفات طبية، لا تغطية صحية… فقط صوتك، إذا بقي لك صوت.

أما من يطالب بالحوار؟
فليذهب ويحاور… مقعد الانتظار في قسم المستعجلات، إن وجده.

الحكومة؟
تشبه جهاز تخطيط القلب في غرفة ميت: تصدر صوتا… لكن لا حياة فيها.

والمسؤولون؟
كلهم يبتسمون على الشاشات، ويختفون حين تطرق باب المساعدة، كأصدقاء الفيسبوك حين تطلب منهم سلفة.

أقول هذا، ليس لأنني غاضب… بل لأنني مرهق.
مرهق من أن أرى زوجة أخي تبيع ذهبها لعلاج ابنتها.

مرهق من أن أكون “ابن الوطن” فقط حين يريدون مني أن أُصوّت أو أصفّق.
أكتب الآن، لأنني لا أملك غير هذا الحبر…

ففي بلادٍ لا تعالج أبناءها،
الاحتجاج ليس تمردا…
إنه مجرد تنفّس.