أحيانا، أدخل مطاعم فاخرة فقط لألتقط صورتين… وكأني جئت لأُقيّم المكان في دليل ميشلان.
أفتح الكاميرا، أعدل الإضاءة، وأبتسم ابتسامة عميقة جدا.
ثم، لأثبت للناس أنني “زبون جاد”، أطلب بيرة.
بيرة باردة، ..
لكن… الحقيقة؟
أنا لا أشرب الخمر.
لم أشربه يوما بانتظام، ولا حتى بفوضى.
أحيانا فقط كأس صغير مع وجبة عشاء فاخرة، حتى يبدو المشهد مكتملا: ستارة حمراء، موسيقى هادئة، طبق لا أفهم مكوناته… وكأس يلمع بجانبه.
أجلس أحدّق في الكأس، وأتركه هناك.
يذوب الثلج، تختفي الرغوة، ويبقى الدليل الوحيد على أنني دفعت ثمن شيء لم أذقه.
أحيانا أقول لنفسي:
أليس من الأسهل أن أطلب عصير برتقال وأرتاح؟
لكن لا، عصير البرتقال في مطعم فاخر يُحوّل المشهد كله إلى نكتة.
كيف ستبدو صورتي مع طبق فخم وبجانبه كأس عصير برتقال؟
كأنني تلميذ ضائع في رحلة مدرسية ..
الحقيقة أنني لا ألوم نفسي.
كلنا نفعل ذلك بشكل أو بآخر.
نجلس في مكان ليس لنا، نطلب شيئا لا نحتاجه، فقط لنشعر أننا جزء من الصورة.
أنا اخترت البيرة.
وأنت ربما اخترت قهوة إكسبريسو لم تفهم لماذا تأتي في فنجان صغير جدا ..
في النهاية، نحن لا نشرب المشروب أصلا.
نحن نشرب الإحساس أننا، ولو لخمس دقائق، نبدو أغنى، أذكى، وأجمل مما نحن عليه في الحقيقة.