عشت في مراكش سنوات طويلة…
لكنها لم تكن حياة بالمعنى الكامل.
كنت أتنفس، أعمل، أخرج…
لكن داخلي كان دائما في وضع الرحيل.

جربت كل الطرق الممكنة للهروب،
أقنعت شريك السكن السابق أن نبيع الشقة،
أو نؤجّرها، أو حتى يأتي أهله ليعيشوا فيها بدلا منّا.

لم أكن سعيدا في تلك المدينة.
ولم أمكن مرتاحا.
لكنني بقيت….

كنت أهرب كثيرا.
أخرج من المدينة لأسابيع،
أسافر بلا وجهة، فقط لأشعر أنني لست عالقا.
ثم ينفذ المال…
فأعود.

لكن الحقيقة؟
لم أكن أعود لأنني مفلس.

كنت أعود لأنني لم أستطع أن أتركه هناك، في مدينة لا ترحم.
كنت أدعمه، أساعده، أخلق له حياة، روتين، دفء…
وأنا في الداخل أتآكل، بصمت.

مراكش كانت حارة، صاخبة، فوضوية…
لكني كنت أتحمل كل ذلك، لأخفّف عنه.

اليوم، حين أعود بذاكرتي إلى تلك السنوات،
أدرك أن أسوأ ما فعلته ليس أنني بقيت…

بل أنني غادرت متأخرا جدا ..
وأنني لم أنقذه.
ولم أنقذ نفسي.