يحدث أن تدخل مطعما أنيقا،
فتجلس على طاولة مزينة بالشموع،
يضعون أمامك قائمة طويلة بخط فرنسي أنيق.
تفتحها بحماسة، كأنك تفتح خريطة كنز…
ثم تكتشف أنها ليست قائمة طعام، بل امتحان نهائي في اللغة الفرنسية.
تبحث بعينيك عن كلمة مألوفة: “دجاج”، “بطاطس”، “لحم”.
لا تجد.
كل ما هناك أسماء رنانة:
“Poulet rôti à la Provençale”،
“Velouté de champignons sauvages”،
“Filet de boeuf Rossini”.
تقرأها بصمت، وتهز رأسك بوقار كأنك تفهم كل شيء،
“ينما في داخلك يدور السؤال: “يا ترى… هل هذه وجبة أم دواء؟”
المشكلة أنك لا تجرؤ أن تسأل النادل: “ماذا يعني ذلك؟”
الحيلة التي أستعملها دائما؟
أنظر إلى ما طلبه الجار في الطاولة المجاورة.
فأشير إلى النادل بثقة وأقول:
– أريد مثل هذا.
فيرد بابتسامة أنيقة:
– بالتأكيد، سيدي.
وبعد ساعة، يأتيك الطبق…
تأكل لقمتين وتبقى جائعا.
تحدق في الطبق وكأنك أمام لوحة فنية:
دوائر من الصلصة، رشة بقدونس، وقطعة لحم تتسع لذكرى أكثر مما تتسع لمعدة.
تدفع الفاتورة وأنت تفكر أين ستجد أقرب مطعم شعبي يقدم لك “طاجين يشبع” لتنتقل إليه .,
لكن، رغم كل ذلك، تعود مرة أخرى.
ليس حبا في الطعام، بل حبا في الصورة ..
الصورة التي تلتقطها وأنت تبتسم أمام طبق غامض،
وتوهم العالم أنك تعرف بالضبط ماذا تأكل…
بينما أنت لا تعرف حتى كيف تنطق اسمه.