كثيرون سألوني لماذا لا أستقرّ في مكانٍ واحد،
ولماذا أتنقّل من بيت إلى آخر كمن يجرّ حقيبته في سباق بلا خطّ نهاية.
الحقيقة؟ لم يكن الأمر يوما عن المال أو السكن، بل عن التفاصيل.
أنا لا أحتمل بيتا يطلّ على جدران الناس.
أريد نافذة تفتح على شجرة، على بحر أو على سماء واسعة.
وهذه المطالب الصغيرة تجعل إيجار البيت مضاعفا ..
في الصويرة مثلا، دفعت أكثر من أحد عشر ألف دولار في سنة واحدة،
رقم بجعلك تشكّ في ذكائك بعد انتهاء العقد.
ومع ذلك، لم أندم أبدا. كنت أشتري الهدوء كما يشتري البعض ساعات يد فاخرة.
البيوت عندي مثل الفنادق: أقيم فيها قليلا، أترك أثرا طيبا، وأرحل.
ولأنني لا أحبّ تراكم الأشياء، كنت كلما غادرت، أتبرّع بكل ما أملك.
في آخر مرة، تركت للجيران كل الأغراض وخرجت بحقيبة واحدة..
وبعد تجارب كثيرة، تعلّمت شيئا:
الحرية أيضا تحتاج عنوانا.
من الجيد أن يكون لك مكان تعود إليه، لأن الترحال المتواصل يُتعب أرواحنا المتنقلة.
الآن، أفكر أن أحتفظ بشقة واحدة… قاعدة أولى.
لا أعيش فيها دائما، لكنها تبقى هناك، تنتظرني كصديق وفي لا يخون ..
فالبيوت، في النهاية، مثل الصداقات:
جميلة طالما لا نحاول امتلاكها ..