بعد أربع ساعات في القطار، وصلنا أنا ووالدتي إلى مراكش، المدينة التي كانت تُروى عنها الأساطير.

لكن ما إن خرجنا من المحطة حتى شعرت أن الأسطورة انتهت في الصفحة الأولى،
والبقية مجرد هواء ساخن وغبار يتآمر على الرئتين.

مراكش اليوم ليست مدينة، بل ورشة ضخمة بلا إشراف هندسي.
كل زاوية تُحفر، كل شارع يُعاد نبشه، حتى ساحة جامع الفنا، قلب المدينة وروحها، تحوّلت إلى حفرة عظيمة يطل فيها السياح كمن يتأمل حفريات نيزك قديم.

الدهشة على وجوههم كانت خليطا من الصدمة والخيبة، وكأنهم دفعوا ثمن تذاكر لحضور عرض اختفى بطله قبل بدء المسرحية.

الحرارة، من جهتها، لا تزور المدينة… بل تسكنها كإقامة دائمة.
أما الغبار، فهو كائن اجتماعي من الدرجة الأولى، يتسلل إلى العينين والملابس والطعام.

بعد الليلة الأولى، وأنا أعدّ الساعات، نظرت إلى والدتي وقلت:
«ما رأيك أن نكمل إلى الدار البيضاء؟»

لم تحتج إلى تفكير. هزّت رأسها بهدوء، كمن يُسلّم بأن المعركة خاسرة من البداية.
مراكش التي كانت يوما عاصمة للسحر والجمال، أصبحت اليوم متحفا للعناء في الهواء الطلق.

ثلاثة أيام خططنا لها… و٢٤ ساعة كانت أكثر من كافية.