الإعجاب في بدايات الصداقات يشبه مسرحية هواة: كل شخص يرتدي قناعا لامعا، ويظن أن الجمهور لا يلاحظ أن الطلاء يتقشّر من الحواف.
- هو يبالغ في ضحكاته، كأنه لم يسمع نكتة في حياته.
- الآخر يتحدث بنبرة هادئة كأنه لا يعرف الغضب أصلا.
- كلاهما يضع طبقة كثيفة من “أنا رائع” حتى يبدو المشهد قابلا للتصديق.
والحقيقة؟ بعد أسابيع، يبدأ القناع بالتساقط.
الضحكات تختفي.
النبرة الهادئة تتحول إلى محاضرات.
ويطفو على السطح ما حاولوا دفنه: العيوب، والعادات المزعجة.
رأيت الكثيرين يفعلون ذلك.
معظم الناس يبدأون بالتصنّع:
- يخفون حقيقة أنهم يتحدثون بسوء عن أصدقائهم القدامى خلف ظهورهم.
- يخفون أنهم يكذبون في أبسط التفاصيل: أين كانوا، ماذا فعلوا، لماذا تأخروا.
- يخفون أنهم يحسدون نجاحات الآخرين بينما يهنئونهم بابتسامة مصطنعة.
- يخفون فوضاهم الحقيقية: البيت المهمل، السيارة القذرة، الحياة غير المنظمة.
- يخفون أنهم يقترضون المال ولا يعيدونه، ثم يتجاهلون الموضوع كأنه لم يحدث.
- يخفون أنهم يسرقون أفكار الآخرين ويقدمونها على أنها إبداعهم الشخصي.
- يخفون علاقاتهم السامة السابقة وكيف كانوا هم المشكلة، لا الطرف الآخر.
- يخفون أنهم يتملقون الأقوياء ويحتقرون الضعفاء.
إنه استثمار كبير في إبهار الآخر… لكن العائد دائما فضيحة على المدى المتوسط.
أما أنا، فلم أحاول يوما أن أكون نسخة من إعلان تجاري.
لم أبذل جهدا في أن أبدو أذكى أو أهدأ أو أرقى.
كنتُ دائما على طبيعتي: إنسان عادي، بعيوبه ومزاجه المتقلب وهدوئه المريب أحيانا.
قد لا أُبهر أحدا… لكنني أيضا لم أخدع أحدا.
والأجمل أنني لم أحتج يوما إلى قناع يتساقط في منتصف العرض.
الصداقات في بداياتها مهرجان للتصنّع.
لكن ما يطفو على السطح في النهاية ليس ما أردنا عرضه… بل ما حاولنا إخفاءه.
وأنا اخترتُ أن أعيش بلا عرض مسرحي:
قد لا أكون أكثر جاذبية، لكنني على الأقل نسخة أصلية… وليس إعلانا تجاريا بميزانية رخيصة.