كان صديقا.
وأخا اخترته بإرادتي،
شاركته الخبز،
والمطر،
وكل الهزائم الصغيرة التي لا يعرفها أحد.

كنت أظن أن هذا النوع من الرفقة
لا ينطفئ ..

إلى أن قالها،
بصوت لا أعرفه:
“اذهب.”

بعد أيام،
عرفت أنه غيّر القفل.
لم يكن الأمر “احتياطا”،
ولا “تنظيما”،
بل يدا دفعتني للخارج
وأغلقت الباب.

الغريب أنني لم أبكِ يومها.
كنت صلبا بشكل لا يشبهني،
كأنّ قلبي تأخر في فهم ما حدث.

الدموع جاءت متأخرة،
مؤجلة مثل تلك الرسائل التي نكتبها ولا نرسلها.

جاءت عندما عدتُ إلى التفاصيل الصغيرة:
ضحكته التي كنت أحفظها،
قهوته التي كان يشربها بمرارة،
حديثه القصير حين يتعب،
خطواتنا ونحن نمشي الطريق نفسه آلاف المرات ..
ونظن، بسذاجة الإنسان ..
أن الصداقة يمكن أن تنقذ إنسانا ..

الحقيقة جاءت عارية قاسية:
الناس يتغيّرون…
وأحيانا يغيّرون الأقفال
قبل أن يغيّروا قلوبهم.