رغم مرور السنوات،
لم يختفِ المشهد تماما من ذاكرتي.
لا زال يعود أحيانا مثل هواء بارد على جرح قديم،
وأحيانا، قبل النوم،
يعود المشهد ..
وأتذكر كيف كنت واقفا خارج ذلك الباب،
بارد الجسد،
ثقيل القلب.
وحين أظلم الليل،
قمتُ مكسور القلب،
ومشيتُ في الشوارع التي لم أسلكها من قبل،
وعندما مررت قرب ذلك المقهى القديم،
انشقّ صوت المذياع الهادئ وسط ضجيج المدينة،
الأغنية لم تكن صدفة…
كانت رسالة متأخرة من الزمن نفسه.
توقّفت.
استسلمت للحظة.
وتركت كلمات فيروز تعبر داخلي
كما عبر العمر كلّه:
متل السَّهم الرَّاجع من سفر الزّمان
قطعتْ الشّوارع ما ضحكلي إنسان
كلّ صحابي كبروا وتغيّر اللّي كان
صاروا العمر الماضي صاروا دِهَب النّسيان
وعندها فقط…
نزلت الدموع التي أجّلتها طويلا.