وفي لحظة صمت قصيرة،
سألني الشاب سؤالا آخر لم أتوقعه:
“ولكن…كيف استطاع تغيير المفتاح؟”
نظرتُ إليه،
وحاولت أن أجيب بما يشبه الإجابة…
لكن الحقيقة خرجت كما هي،
عارية، بلا أقنعة:
“هذا هو السؤال الوحيد…
الذي سأدفنه معي لخريف العمر.
لم أعرف جوابه أبدا…
ولا أظن أنه كان يعرف هو نفسه لما فعل ذلك.”
لم يكن الأمر، في الحقيقة، عن “العودة إلى السكن”.
لم تكن لديّ رغبة في الرجوع؛ لم أقف عند ذلك الباب كي أطلب مكانا.
ما آلمني كان شيئا آخر…
شيئ لا يراه إلا من عاش سنوات يبني مسكنا صغيرا من قلبه،
يمسح الغبار عنه كل يوم،
ويغيّر تفاصيله كما يغيّر المرء حياته.
كان الألم النفسي عميقا…
ألم يُحرّكه ما في الطبقات السفلى من الذاكرة البشرية:
ذلك الطفل الداخلي الذي تُرك على الرصيف
الخوف الأصلي… الخذلان الأول… ذلك الشعور بأنك تُركت في الطريق بلا دليل أو بوصلة.
قلت ذلك،
ثم ابتسمت ابتسامة مُتعبة،
من تلك الابتسامات التي تبدو كأنها تحاول أن تمنع الدموع لا أن تخفيها.
أحسست للحظة، أن الشاب فهم تماما ما لم أستطع قوله.
وحين نظر إليّ، شعرت بشيء يشبه الحقيقة البطيئة:
أنني لم أكن مكسورا…
كنت فقط أتعلم المشي من جديد،
بطريقة لا يراها إلا من عاش في الأسواق ..
وعرف أن الشجاعة الحقيقية،
هي أن تواصل الطريق
حتى لو كنت تزحف.