هناك لحظات صغيرة، خافتة،
لا يسمعها العالم…
لكنها تغيّر شيئا في داخلك إلى الأبد.

كأن تقف فجأة أمام الحقيقة التي كنت تهرب منها:
أن الذين حلمتَ بهم طويلا…
قد يأتون فعلا،
لكن الحبّ لا يأتي معهم.

تراه أمامك،
الشخص الذي ظننتَ أنّه سيكمّل معك ما تبقّى من العمر.
وجه تعرفه،
وصوت ترتاح له قبل أن تحفظه.

تقول لنفسك:
“ها هو… تأخر قليلا لكنه جاء”.

لكن شيئا ما،
شيئا لا شكل له،
ولا اسم،
ولا يمكن الإمساك به بالأصابع،
يقف بينك وبين قلبك.

تحاول أن تقنع نفسك بأنّ الأمر لا يهم،
أنّ الوقت سيُصلح النقص،
أنّ التفاصيل ستملأ الفراغ،
أنّ الابتسامة ستصبح دفئا،
وأنّ القرب سيصنع ما لم يصنعه القلب.

لكن الحقيقة…
هي أن القلب لا يتدرّب.
إمّا أن يفتح بابه،
أو يبقى مغلقا بصمت قاس.

والأقسى من كلّ شيء،
أنّك تدرك داخليا
أنّه ليس مخطئا،
ولا ناقصا…
هو فقط ليس “لك”.
هذه هي الجملة التي لا أحد يريد قولها.

وفي تلك اللحظة،
لحظة الاعتراف الصامت،
يبدأ شيء في داخلك بالانكسار،
انكسار هادئ،
لا يسمعه أحد،
لكنّك تسمعه أنت.

ثم يحدث ما هو أسوأ:
تكتشف أنك لم تكن تبحث عنه أصلا،
كنت تبحث عن الدفء.
عن يدٍ تُمسك بيدك دون ارتباك،
عن عيون ترى ما خلف ابتسامتك،
عن قلب يقول لك “أنا هنا”…
دون أن تطلب منه.
وتكتشف،
بمرارة لا تشبه أي مرارة،
أنّ الشخص الذي حلمتَ به
كان مجرّد ظلّ…
والدفء الذي احتجتَه
لم يأتِ معه.